يد الله
كان إبراهيم يعمل في أحد المحال في السوق. رأيته مرة في وضعٍ أدهشني كثيرًا؛ كان يحمل صندوقين من الكرتون على ظهره، أنزلهما أمام أحد الدكاكين. حين أنهى عمله، اقتربت منه وسلّمت عليه. قلت له: «يا أبرام، إن هذا الأمر لا يليق بك، هذا عمل الحمّالين وليس عملك!» نظر إليّ وقال: «إن العمل ليس عيبًا؛ بل العيب في البطالة. إن ما أقوم به الآن مفيد لي؛ إذ أتأكد من أنني لا شيء. هذا العمل يقمع غروري». قلت له: «ليس بالأمر الجيد أن يراك أحد على هذه الحال. أنت رياضي، وكثيرون يعرفونك». ضحك وأجابني: «يا أخي، قم دائمًا بالأعمال التي يرتضيها الله وليس الناس». كنا جالسين مع عدد من الأصدقاء نتكلم عن إبراهيم. كان أحدهم لا يعرفه، فأخذ صورته مني. نظر إليها بتعجب، وسألنا: «هل أنتم متأكدون من أن اسمه إبراهيم؟». أجبته بتعجب: «طبعًا نعم، لماذا تسأل؟». كنت أملك فيما مضى محلًّا تجاريًا في بازار «سلطاني». كان إبراهيم يأتي إلى السوق يومين في الأسبوع. يقف وسلّة الحمل على ظهره وينقل البضائع. قلت له يومًا: «ما اسمك؟» قال لي: «نادني يد الله». بعد مدة من الزمن، جاء أحد أصدقائي إلى السوق وتفاجأ لرؤيته إبراهيم فسألني متعجبًا: هل تعرفه؟ قلت له: «لا! لماذا تسأل؟»، قال: «إنه بطل في الكرة الطائرة وفي المصارعة، إنه إنسان تقي جدًّا، إنه يقوم بهذا العمل لكسر غروره. أقول لك فقط إنّه إنسان عظيم!»، وبعد تلك الحادثة، لم أره أبدًا. لقد دفعني كلام هذا الرجل للتفكير. كانت هذه الحادثة عجيبة بالنسبة إليّ. لا يقبل العقل هذا النوع من جهاد النفس. بعد مدة، رأيت أحد أصدقائي القدامى. تكلمنا عن أفعال إبراهيم. قال لنا: «قبل الثورة، في ظهيرة أحد الأيام، جاء إبراهيم إليّ. دعاني، مع أخي وشابين آخرين، إلى مطعم الكباب. طلب أفضل طعام، مع سلطة ومرطبات. لم أكن قد تناولت طعامًا لذيذًا كالذي تناولناه يومها. بعد أن انتهينا، سألنا إبراهيم: «كيف كان الطعام؟»، قلت: «كان ممتازًا، سلمت يداك». عندها قال: «عملت منذ الصباح في الحمل والنقل في البازار. ترجع لذة هذا الطعام إلى التعب الذي عانيته في الحصول على ماله».