17 شهريور

في صبيحة السابع عشر من شهريور/ 8 أيلول، ذهبت إلى إبراهيم وتوجهنا معًا على الدراجة النارية إلى تلك الجلسة الثقافية الدينية بالقرب من ساحة «جالة»[1]. ما إن انتهت الجلسة حتّى ارتفعت الأصوات وعلا الصخب في الخارج. منذ الصباح أُعلنت حالة الطوارئ، وتجمع الجنود ورجال الشرطة على جوانب الساحة. كما كانت الجماهير الغفيرة تتوجه نحو الساحة فيما يطلب الجنود عبر مكبرات الصوت من الناس التفرّق. خرج إبراهيم من الجلسة مسرعًا، ثم نظر إليّ وقال: «أمير، تعال لنرى ما الخبر». خرجنا، وإذا بالحشود تتوجّه إلى ساحة «جالة» من كلّ ناحية. صدحت الشعارات في أرجاء الساحة وتحولت من «السلام على الخميني» إلى «الموت للشاه». كان إبراهيم لا يتوقف عن الهتاف وعن الحديث مع شباب الحي. جاء أحد الشباب مسرعًا وهو يقول: «لقد أقفل رجال الشرطة الطريق من جهة شهباز (17 شهريور)!». اندفعت الجماهير نحو الساحة. كان بعضها يقول: «حاصر السافاك الساحة من الجهات الأربع». وبعد لحظات حصل ما لم يكن أحد يتوقّعه.. سُمِع صوت إطلاق النار من كل جهة، كما كانت المروحية المحلّقة في السماء تطلق الرصاص أيضًا. ركضت بسرعة وأحضرت الدراجة النارية، فقد اكتشفت طريقًا للخروج في أحد الأزقة، حيث لا شرطة هناك. أحضر إبراهيم أحد الجرحى بسرعة، واتجهنا معًا نحو مستشفى «الثالث من شعبان» وأسرعنا في العودة. حتّى الظهيرة، كنا قد ذهبنا ورجعنا حوالي ثماني مرات من وإلى المستشفى. كان جسد إبراهيم ملطخًا بالدماء من رأسه حتّى قدميه. وقع أحد الجرحى أمام محطة الوقود، وكان رجال الشرطة يراقبونه من بعيد. لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه. أراد إبراهيم أن يتوجّه نحو هذا الجريح، لكنني منعته وقلت له: «لا، إنهم يتّخذونه فخًّا كي يطلقوا النار على كل من يقترب». نظر إبراهيم إليّ وقال: «لو كان أخوك مرميًّا هناك، هل كنت ستقول الكلام نفسه؟». عندها لم أعرف ماذا أجيب، قلت فقط: «انتبه جيّدًا». خَفَتَ صوت إطلاق النار، وتراجع رجال الشرطة إلى الخلف قليلًا. زحف إبراهيم بسرعة في الشارع إلى أن وصل إلى جانب الجريح، واستلقى بالقرب منه، ثم أمسك يده وبحركة واحدة ألقاه على ظهره، وعاد كما ذهب زاحفًا على الأرض. أظهر إبراهيم شجاعة لا نظير لها. بعدها، وبمساعدة أحدهم، وضع الجريح على دراجتي النارية، ونقلته بنفسي إلى المستشفى. عندما أردت العودة إلى الشارع نفسه، كان رجال الشرطة قد أغلقوا الممرّات، وشدّدوا حالة الطوارئ، ولم أر إبراهيم بعدها. لم أعرف كيف وصلت إلى البيت. عند العصر، ذهبت إلى بيت إبراهيم، كانت والدته قلقة جدًّا، ولا خبر عنه. لكن في آخر الليل، أخبروني أنه عاد إلى المنزل، فرحت كثيرًا، وتواصلت معه هاتفيًا. لقد فرحت حقًا لأنه استطاع الإفلات من الشرطة. في اليوم التالي، ذهبنا إلى «بهشت زهرا»[2] وقدمنا المساعدة في مراسم التشييع والدفن. بعد السابع عشر من شهريور، كنا نجتمع كل ليلة في بيت أحد الشباب كي ننسّق البرامج والأنشطة. لفترةٍ معيّنة، كان محلّ اجتماعنا على سطح بيته، ولفترةٍ أخرى، بيت مهدي و... في هذه الاجتماعات، كنّا نتباحث حول المسائل العقدية، والسياسية المستجدة. إلى أن انتشر خبر عودة الإمام في كل مكان.

 

[1] - ساحة الشهداء.

[2] - مقبرة جنة الزهراء.

Comments (0)

Rated 0 out of 5 based on 0 voters
There are no comments posted here yet

Leave your comments

  1. Posting comment as a guest. Sign up or login to your account.
Rate this post:
Attachments (0 / 3)
Share Your Location