المظهر البسيط
في الأيام الأولى للحرب، صار إبراهيم مثالًا وقدوةً لكثير من المقاتلين. كان كثيرون يفتخرون برفقتهم له ومعرفتهم به، لكنه كان يتصرّف بطريقة كي لا يصبح حديث الألسن. لم يكن يهتم بارتداء الثياب العسكرية. كان يرتدي بنطالًا كرديًا وقميصًا طويلًا. كي يصبح من جهة قريبًا من أهل تلك المنطقة، وكي يمنع نفسه من الظهور. كان بسيطًا وبعيدًا عن التكلف، لدرجة أنّك حين تراه تعتقد أنّه خادمٌ للمجاهدين. لكن بعد مرور الوقت، تكتشف شخصيته الحقيقية. كان إبراهيم كاسرًا للقوالب، وبدل الاهتمام بالمظاهر والثياب، كان كل ذكره وفكره في الباطن. وقد تمثّل الشباب به في هذا الأمر. كان يقول دومًا: «بدل أن نهتم بالثياب العسكرية والمنظّمة، علينا الاهتمام بتعليم الشباب وبحياتهم المعنوية، كي نصبح أكثر قربًا منهم». ظهرت نتيجة هذا التفكير في العمليات التي كانت تتولاها المجموعة. على الرغم من مخالفة بعضهم لطريقة تفكيره. في إحدى المرات، اشترى قماشًا عسكريًا مرقطًا، أعطاه لأحد الخياطين وقال: أريدك أن تخيط لي سروالًا كرديًا بهذا القماش. في اليوم الثاني، تسلّم السروال. كان جميلًا جدًّا. خرج من مقر المجموعة، وبعد ساعة عاد بلباس المتطوعين. سألته: «أين ثيابك؟»، قال: «أُعجب أحد الشباب الأكراد بالثياب فأعطيته إياها!» كما أعطى ساعته لشخص آخر. سأل ذلك الشخص عن الساعة، فأجابه إبراهيم، ثم قدمها له. جذبت هذه التصرفات البسيطة الشباب الأكراد في المنطقة فالتحق كثير منهم بالمجموعة. على الرغم من ظاهره البسيط، كان إبراهيم يتمتّع بوعي سياسي كبير. كان يعرف التيارات السياسية ويحلل الأحداث بدقة. بعد أن علّق إبراهيم صور الإمام الراحل والشهيد «بهشتي» في مقر المجموعة، صدر الأمر من القائد العام لقوات غرب البلاد -الذي كان تحت إمرة «بني صدر»- بوقف دعم المجموعة وتمويلها. لكن أعلن قائد الجيش في تلك المنطقة الحاجة إلى تلك المجموعة وضرورة حضورها في المنطقة؛ لأنّها هي التي تخطّط وتقوم بكل هجماتنا هناك. بعد مدة، وبعد متابعة هذا القائد للأمر، تم التراجع عن القرار السابق. في صباح أحد الأيام، تمّ الإعلان عن زيارة «بني صدر» لكرمانشاه، فتوجّه إبراهيم و«جواد» و«حسين» وعدد من الشباب إلى هناك. كان مظهر مجموعة «أندرزكو» باللباس الكردي والشكل العادي للمقاتلين لافتًا للنظر، خاصة أن مستقبلي «بني صدر»، من كبار الضباط كانوا بلباسهم العسكري المرتب. على الرغم من أنّ هدف الشباب من الذهاب شيءٌ آخر: «نريد أن نتكلم مع هذا الشخص، ونسأله وفق أي رؤية عسكرية يدير هذه الحرب...؟». على الرغم من أنّنا أهدرنا كثيرًا من الوقت يومها، لكن أعلنوا في النهاية أن رئيس الجمهورية ألغى الزيارة بسبب عطل فنيّ في المروحية. بعد مدة، جاء آية الله الخامنئي إلى كرمانشاه. كان وقتها إمام جمعة طهران. اصطحب إبراهيم الشباب كافة معه وبمظهرهم البسيط التقوا بالسيد الخامنئي، ثم اقتربوا واحدًا واحدًا ليحتضنوه ويقبّلوا يده.