صديق
كان قلقًا جدًّا، ويظهر الانزعاج على وجهه. سألته: «ماذا حصل؟» أجابني بحزن: «ذهبنا الليلة الماضية مع الشباب في عملية استطلاع. خلال طريق العودة، وبالضبط قرب موقع العدو، داس «ماشاالله عزيزي»[1] على لغم واستشهد. أطلق العراقيون النار، فأجبرنا على الانسحاب». فهمت سبب انزعاجه. عند حلول الظلام، تحرك مسرعًا. عاد في منتصف الليل مسرورًا ومنشرح الصدر، يردّد صارخًا: «أيّها المسعف، أيّها المسعف، تعال بسرعة! «ماشاالله» على قيد الحياة». سُرّ الشباب، ووضعوا «ماشاالله» في سيارة الإسعاف. لكن إبراهيم كان جالسًا في زاوية يفكّر. جلست بالقرب منه وسألته: «فيمَ تفكّر؟». سكت قليلًا ثم قال: «لقد سقط «ماشاالله» وسط حقل الألغام، بالقرب من دشمة العراقيين. لكن حين ذهبت لإحضاره لم يكن هناك. لقد وجدته في الخلف، في مكان آمِن وبعيدٍ عن نظر العراقيين. كان ينتظرني». لقد نزفتْ قدمي كثيرًا، وكأنّني تخدّرت. فتأكد العراقيون أنني ميّت. كنت في حالة لا توصف، ردّدتُ مرارًا: «يا صاحب الزمان أدركني». حلّ الليل وأظلم المكان، وإذا بشاب جميل نوراني يقف فوق رأسي. فتحت عينيّ بصعوبة بالغة. رفعني بهدوء، حتّى إنّني لم أشعر بأي ألم. أخرجني من حقل الألغام، ومدّدني برويّةٍ على الأرض في مكان آمن. ثم قال لي: «سيأتي أحدهم لينقذك. هو صديقنا!». بعد لحظات وصل إبراهيم. بصلابته المعهودة، حملني على ظهره وانطلق عائدًا. لقد أخبرني «صديق إبراهيم» عن جماله النوراني. هنيئًا له. هذا ما كتبه «ماشاالله» في دفتر مذكراته حول جبهة «جيلان غرب».
[1]- الجريح العزيز «ماشاالله عزيزي» من المعلّمين المخلصين والمتقين في «جيلان غرب»، شارك منذ الأيام الأولى للحرب حتّى نهايتها في العمليات كافة بشجاعة. بعدها التحق برفاقه الشهداء على أثر حادث سير.