الكوفية
كنا في أوائل العام 1982م، حين جاء إبراهيم في مأذونية. وصل إلى البيت في آخر الليل. تكلمنا قليلًا. ثم رأيت في جيبه مبلغًا كبيرًا من المال، فسألته: «يا أخي، من أين حصلت على كل هذا المال؟ وقد رأيتك مرارًا تقدم المساعدات المالية للناس، وتصرف المال في هيئة العزاء. والآن كل هذا المال في جيبك؟»، ثم تابعت ممازحًا: «قل لي الحقيقة، هل عثرت على كنز؟». ضحك إبراهيم وقال لي: «لا، يا أخي، إن بعض الأصدقاء يعطونني هذا المال، ويحدّدون لي أين وكيف أصرفه». في اليوم التالي، ذهبنا معًا إلى البازار. بعد المرور على عدد من السماسرة وصلنا إلى أحد المحال. صاحب هذا المحل من التجار القدامى وكبيري السن، كما إنّ وضعه المالي جيد. كان يعرف إبراهيم جيدًا، فرحّب به كثيرًا. بعد السلام والمجاملات، بدأ إبراهيم كلامه قائلًا: «يا حاج، نريد بعض الوسائل لشباب الجبهة». ثم أخرج ورقة من جيبه وأعطاها للحاج. سأله الحاج: «مضافًا إلى ما كتبته، هل أنتم بحاجة إلى شيء آخر». أجابه إبراهيم: «يا حاج، يقدم الشباب في الجبهة تضحيات كثيرة، ولا نية لهم سوى رضى الله. لكن للتاريخ ولكي يعرف الناس ما قام به هؤلاء الشباب، نحتاج إلى آلة تصوير (فيديو) وإلى عدد من الكوفيات». كان هناك رجل آخر في المحل فسأل مستغربًا: «فهمنا حاجتكم إلى آلة التصوير، لكن لم تحتاجون إلى الكوفيّات، هل تريدون أن تحملوا مناديل كالشباب «الصُيّع» في الشوارع؟». أجابه إبراهيم بهدوء: «ليست الكوفيّة منديل رقبة. حين يتوضأ المقاتل تكون له منشفة، حين يريد الصلاة تتحول إلى سجادة صلاة، وحين يصاب يضمد جراحه بالكوفية والكثير من الأمور». في اليوم التالي، كنت واقفًا أمام البيت. حضر ذلك الرجل العجوز في شاحنة صغيرة (بيك أب) مليئة بالكوفيّات. أسرعت إلى الداخل وناديت إبراهيم. أعطى الرجل آلة التصوير وكثيرًا من الوسائل الأخرى إبراهيم. وقال له: «عزيزي أبرام. هذه سيارة الكوفيات لك». بعد ذلك أخبرنا إبراهيم أن الشباب قد استفادوا من هذه الكوفيات خلال عمليات «الفتح المبين». فيما بعد صارت الكوفية إحدى ميزات جنود الإسلام.