روح الفكاهة
كان إبراهيم جادًا ودقيقًا جدًّا إذا تعلّق الأمر بالعمل. لكن في أجواء المزاح والفكاهة كان إنسانًا حسن المعشر وكثير المزاح، وأعتقد أن هذا الأمر من الأسباب التي جذبت كثيرين إليه. كان لإبراهيم أخلاق خاصة في تناول الطعام. إذا وُجد طعام كاف، كان يأكل جيدًا ويقول: «يحتاج جسدنا إلى كثير من الطعام بسبب الرياضة». في إحدى المرات، ذهب مع أحد الشباب في «كرمانشاه» إلى مطعم «كوارع»، وأكلا معًا ثلاث قطع كاملة من الكوارع وكل ما يلحق بها. وهذه كمية كبيرة جدًّا لشابين. أو حين كان أحد الشباب يدعو إبراهيم إلى العشاء، كان يحضر لثلاثة أشخاص ست دجاجات وكثيرًا من الأرز و... حين كان إبراهيم مصابًا، ذهبت لعيادته وتوجّهنا معًا على الدراجة النارية إلى بيت أحد الشباب للإفطار. كان صاحب الدعوة من أصدقاء إبراهيم المقربين وقد دعا عددًا من الشباب إلى هذا الإفطار، كما كان كثير المجاملة والإصرار علينا في تناول الطعام. لم يكن إبراهيم بحاجة إلى الإصرار، فأكل قدر ما استطاع وبالتالي لم يبقَ على المائدة شيء. كان «جعفر جنكروي» هناك. بعد الإفطار كان يذهب إلى الغرفة المجاورة، وينادي على أصدقائه، ثم يقول لإبراهيم إنّ الشباب يحبّون أن يسلموا عليك، فكان إبراهيم يقف للسلام احترامًا لهم، وبسبب امتلائه من الطعام من جهة، وإصابته من جهة ثانية، كان يتألم من الوقوف والجلوس. ما إن يجلس إبراهيم، حتّى يذهب جعفر مرة ثانية ويحضر شبابًا آخرين ليسلّموا على إبراهيم وكان جعفر يقف وراءهم ويضحك لأنه يزعج إبراهيم. تكرّر هذا الأمر مرات عدّة، إلى أن قال إبراهيم لجعفر: «عزيزي جعفر، سيأتي دورنا معك»! في وقت متأخر من الليل، عندما أردنا العودة، قال لي إبراهيم وهو يركب الدراجة النارية ورائي: «تحرّك بسرعة يا أكبر». وكان جعفر وراءنا على دراجته النارية. كانت تفصلنا مسافة كبيرة عنه، حين وصلنا إلى حاجز للتفتيش. توقفت قليلًا، فنادى إبراهيم أحد الشباب وقال له: «يا أخ، تعال». تقدم أحد الشباب المسلحين، وأكمل إبراهيم: «يا صديقي العزيز، أنا جريح وهذا الشاب معي صاحب الدراجة من الحرس الثوري.. لكن وراءنا دراجة نارية و.. من الأفضل ألّا أقول شيئًا... لكن انتبهوا جيدًا. أعتقد أنه مسلّح». ثم استأذن وذهبنا. بعد حوالي المئة متر، توقفنا على الرصيف. كنا نضحك معًا حين وصل جعفر على دراجته النارية. وطوقه 4 شبان مسلحين وحين رأوا مسدسه الشخصي، لم يعطوا أي أهمية لأي شيء يقوله و... بقي على هذه الحال حوالي النصف ساعة إلى أن جاء مسؤول الشباب وكان يعرف الحاج «جعفر»، واعتذر كثيرًا منه وقال للشباب: «إنه الحاج «جعفر» من قادة فرقة سيّد الشهداء». اعتذر شباب المجموعة من الحاج «جعفر» الذي كان يستشيط غضبًا. أخذ سلاحه وترك المكان من دون أن يتكلم كلمة لشدة انزعاجه. بعد أن ابتعد عن نقطة التفتيش، تفاجأ بنا واقفين على جانب الطريق ننظر إليه ونضحك. عندها فهم ما الذي حصل ولماذا أوقفوه. تقدم إبراهيم، احتضن «جعفر» وقبّله. انفرج وجه «جعفر» وبدأ هو أيضًا بالضحك، وانتهى كل شيء بابتسامة.